القائمة الرئيسية

الصفحات


   

غزوة حنين

غزوة حنين 



 غزوة حنين  الحمد لله له ما في السماوات وما في الأرض, وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, جاهد في الله تعالى من غير توان ولا تقصير, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين اتبعوه ونصروه, واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون, وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم يرجعون, وسلم تسليما كثيرا. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)

غزوة حنين هي غزوة  وقعت في العاشر من شوال في السنة الثامنة للهجرة. بين المسلمين وقبيلتي هوازن وثقيف في وادي يسمي حنين بين مدينة مكة والطائف. كان قائد المعركة النبي صلى الله عليه وسلم .واغتنما المسلمون  منها غنائم كثيرة فقَسَمَها النبي صلى الله عليه وسلم فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ, وهم كبار القوم الذين أسلموا حديثاً، ولم يعط الانصار منها شيئا, وهم الذين بذلوا دماءهم وأرواحهم لنصرة الإسلام, والدفاعِ عن الرسول صلي الله عليه وسلم , فكانهم  وجدوا  في أنفسهم, إِذ لم يصبهم منها ما اصاب الناس منها , وقالوا بحسرة وأسى: سيوفنا تقطر من دِمَائِهِمْ, وَهُمْ يَذْهَبُونَ بالمغنم والرسول صلي الله عليه وسلم لم يعطهم شياَ من الغنيمة ،اتكالا الي مازين الله به قلوبهم من الايمان ،الذي يزيده عطاءُ الدنيا ،ولاينقصه الحرمان منها ،ولكن محبةَ ما ابيح لهم منها، وما حصلوه بسيوفهم وجهادهم،اوجد في قلوبهم شيئاً، إذ رأوا غنائمهم تُقسم على غيرهم، ولا يعطون منها، ولم يفطنوا للحكمة الرشيدة المقصودة مما حدث .فلم يتمالك سعد بن  عبادة  رضي الله عنه نفسه, فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم, لِيصارحه ويُخبره بما يفكرو فيه الانصار ، فلما أخبره بذلك, تعجب كيف حل ذلك في قلوبهم, وقَالَ له  فاين  انت من ذلك ياسعد ؟ قَال: ما انا  الا من قومي .

بلاغة النبي في الحوار

فخطبهم  خطبة بليغة , ألانت قلوبهم, وأدْمعت أعينهم, وأقْنعت عقولهم,  فقال  لهم:يامعشرالانصار , ما مقالة  بلَغتني عنكم, الم اجدكم ضلالافهداكم  الله بي , ألم تكونوا مشركين تائهين ضائعين, فهداكم  اللَّهُ بِي, وكنتم  متفرقين  فَأَلَّفَكُمْ اللَّهُ بِي, كنتم متفرقين متناحرين, يقتلُ بعضُكم بعضا, فالفكم  اللَّهُ بِي, وعالة  فاغناكم  اللَّهُ بِي, كنتم فقراء معدمين  لامال  لَكم، فاغناكم  اللَّهُ بِي.

بَلِ الْمَنّ عَلَيْنَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ

وجعلت هذه الكلمات تقرع قلوبهم, وتهتز أفئدتهم, وتحرك  مشاعرهم.
وكُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ, أي: المِنَّةُ والفضلُ للهِ ورسولِه.
وَقَدْ كَانَتْ الْأَنْصَار قَبْل الْهِجْرَةِ فِي غَايَة التَّنَافُر وَالتَّقَاطُع, لِمَا وَقَعَ بَيْنهمْ مِنْ حَرْب بُعَاثٍ وَغَيْرهَا، فَزَالَ ذَلِكَ كُلّه بِالْإِسْلَامِ كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى: (لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) [الأنفال: 63].
ثم قال لهم: مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالُوا ودموعُهم تسيل على خدُدِهم: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ, ثم قَالَ: أَمَا وَاَللَّه لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَصَدَقْتُمْ وَصُدِّقْتُمْ: أَتَيْتنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاك، كذبك كفار مكة وكلُّ الناس فَصَدَّقْنَاك, وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاك، خذلَتك قبيلتك وقومك فَنَصَرْنَاك وأيَّدناك, وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاك، طردوك وشرَّدوك فَآوَيْنَاك وحميناك, وَعَائِلًا فَوَاسَيْنَاك, فقيرا مُعْدَما فَوَاسَيْنَاك بكل ما نملك, فلما قال هذا الكلام العظيم لهم, جعلوا يقولون: بَلِ الْمَنّ عَلَيْنَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ.
وَإِنَّمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ تَوَاضُعًا مِنْهُ وَإِنْصَافًا، وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَة والواقع, الْحُجَّةُ الْبَالِغَة, وَالْمِنَّةُ الظَّاهِرَةُ فِي جَمِيع ذَلِكَ لَهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ لَوْلَا هِجْرَته إِلَيْهِمْ, وَسُكْنَاهُ عِنْدهمْ, لَمَا كَانَ بَيْنهمْ وَبَيْن غَيْرهمْ فَرْق, ولَما علا شأنهم, وعَظُمَت مكانتهم.

أَما تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ, وَتَذْهَبُونَ برسول اللَّهُ إِلَى رِحَالِكُمْ

ثم قال: أَما تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ, وَتَذْهَبُونَ برسول اللَّهُ إِلَى رِحَالِكُمْ؟
ثم قال لهم: لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ.
أي: لولا أني هاجرت, وأصبحت من المهاجرين شرعا وعرفا, لَتسمَّيت باسم الأنصار لا المهاجرين.
ثم قال لهم: وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا, لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا.
ثم قال لهم: الْأَنْصَارُ شِعَارٌ, وَالنَّاسُ دِثَارٌ. 
ثم قال لهم: اللَّهُمَّ اِرْحَمْ الْأَنْصَار وَأَبْنَاء الْأَنْصَار, وَأَبْنَاء أَبْنَاء الْأَنْصَار.
هكذاتعامل النبي صلي الله عليه وسلم مع الانصار نعم المربي ونعم الصاحب رسول الله صلي الله عليه وسلم.
فرد عليه الانصار رضينا بهذه القِسمة العادلة, أن نرجع بالرسول الأمين, والنبيِّ الكريم, ويرجع بقيةُ الناس بأموال الدنيا ومتاعها.

رضي الله عن الانصار 

رضي الله عن الأنصار, آثروا الدنيا على الآخرة, ورضوا برسول الله عن دنياهم, لا يبيعون بحبيبهم ولا يشترون, لا يرجعون عن بيعهم حتى يموتون.
ثم قال لهم: إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً, فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ.
أي أن الناس بعدي سيستأثرون بالدنيا عنكم, وستلقون ظلما وجورا, فاصبروا ولا تجزعوا, حتى تخرجوا من الدنيا مظلومين غير ظالمين, وعن ربكم راضين غيرَ ساخطين.

وَأَنَّ الْمِنَّة لِلَّهِ وَرَسُوله عَلَى الْإِطْلَاق.







هل اعجبك الموضوع :
author-img
حبك للناس لن ينقص منك شئ بل هو صدقه وعباده لله

تعليقات